على النحو الذى شرحناه آنفا.
فالتحقيق الذى يفى بذلك ان يقال : ان ملاك حجية الظهور هو كشفه ، ولكن لا كشفه عند المكلف ، بل كشفه فى نظر المولى ، بمعنى ان المولى حينما يلحظ ظواهر كلامه ، فتارة يلحظها بنظرة تفصيلية ، فيستطيع بذلك ان يميز بصورة جازمة ما اريد به ظاهره عن غيره ، لأنه الأعرف بمراده. واخرى يلحظها بنظرة اجمالية ، فيرى ان الغالب هوإرادة المعنى الظاهر ، وذلك يجعل الغلبة كاشفا ظنيا عند المولى عن ارادة المعنى الظاهر بالنسبة الى كل كلام صادر منه حينما يلحظه بنحو الاجمال.
وهذا الكشف هو ملاك الحجية ، لوضوح ان حجية الامارة حكم ظاهرى وارد لحفظ الاغراض الواقعية الاكثر أهمية ، وهذه الأهمية قد اكتسبتها الغراض الواقعية التى تحفظها الامارة المعتبرة بلحاظ قوة الاحتمال ، كما تقدم فى محله. ومن الواضح ان قوة الاحتمال المؤثرة فى اهتمام المولى انما هى قوة احتماله ، لا قوة احتمال المكلف ، فمن هنا تناط الحجية بحيثية الكشف الملوظة للمولى وهى الظهور لا بالظن الفعلى لدى المكلف.
وعلى هذا الأساس اختلف مجال الغراض التكوينية عن مجال علاقات الامرين بالمأمورين ، إذ المناط فى المجال الأول كاشفية الظهور لدى نفس العامل به ، فقد يكون منوطا بحصول الظن له ، والمناط فى المجال الثانى مقدار كشفه لدى الامر الموجب لشدة اهتمامه الداعية الى جعل الحجية.