ولا شك فى ان المقدمة الوجوبية كما لا يكون المكلف مسؤولا عنها من قبل ذلك الوجوب على ما تقدم كذلك لا يتعلق الوجوب الغيرى بها ، لأنه إما معلول للوجوب النفسى أو معه ، فلا يعقل ثبوته إلا فى فرض ثبوت الوجوب النفسى ، وفرض ثبوت الوجوب النفسى يعنى ان مقدمات الوجوب قد تمت ووجدت ، فلا معنى لايجابها.
التقسيم الثالث : تقسيم المقدمة الشرعية وعقلية وعلمية. والمقدمة الشرعية ما أخذها الشارع قيدا فى الواجب. والمقدمة العقلية ما يتوقف عليها ذات الواجب تكوينا. والمقدمة العلمية هى ما يتوقف عليها تحصيل العلم بالاإتيان بالواجب ، كالجمع بين اطراف العلم الاجمالى.
ولا شك فى ان الوجوب الغيرى لا يتعلق بالمقدمة العلمية ، لانها مما لا يتوقف عليها نفس الواجب ، بل احرازه. كما لا شك فى تعلقه بالمقدمة العقلية إذا ثبتت الملازمة. وانما الكلام فى تعلقه بالمقدمة الشرعية ، إذ ذهب بعض الأعلام كالمحقق النائينى رحمه الله (١) الى ان المقدمة الشرعية كالجزء تتصف بالوجوب النفسى الضمنى ، وعلى هذا الاساس أنكر وجوبها الغيرى. ودعوى الوجوب النفسى للمقدمة الشرعية تقوم على افتراض ان مقدميتها بأخذ الشارع لها فى الواجب النفسى ، ومع أخذها فى الواجب ينبسط عليها الوجوب.
ونرد على هذه الدعوى بما تقدم من أن أخذها قيدا ، يعنى تحصيص الواجب بها وجعل الأمر متعلقا بالتقيد ، فيكون تقيد الفعل بمقدمته الشرعية واجبا نفسيا ضمنيا ، لا القيد نفسه.
ـــــــــــــــ
(١) فوأئد الاصول : ج ١ ص ٢٦٤.