واتضح ان الأحكام الظاهرية تجتمع مع الأحكام الواقعية على الجاهل دون منافاة بينهما ، وهذا يعنى ان الحكم الظاهرى لا يتصرف فى الحكم الواقعى. ولكن هناك من ذهب الى ان الاصول الجارية فى الشبهات الموضوعية ، كأصالة الطهارة تتصرف فى الأحكام الواقعية ، بمعنى ان الحكم الواقعى بشرطية الثوب الطاهر فى الصلاة مثلا ، يتسع ببكرة اصالة الطهارة ، فيشمل الثوب المشكوكة طهارته الذى جرت فيه أصالة الطهارة ، حتى لو كان نجسا فى الواقع ، وهذا نحنو من التصويب الذى ينتج ان الصلاة فى مثل هذا الثوب تكون صحيحة واقعا ، ولاتجب اعادتها على القاعدة ، لأن الشرطية قد اتسع موضوعها. وتقريب ذلك ان دليل أصالة الطهارة بقوله : « كل شىء طاهر حتى تعلم انه قذر » يعتبر حاكما على دليل شرطية الثوب الطاهر فى الصلاة ، لأن لسانه لسان توسعة موضوع ذلك الدليل وايجاد فرد له ، فالشرط موجود اذن. وليس الأمر كذلك لو ثبتت طهارة الثوب بالامارة فقط ، لأن مفاد دليل حجية الامارة ليس جعل الحكم المماثل ، بل جعل الطريقية والمنجزية ، فهو بلسانه لا يوسع موضوع دليل الشرطية ، لأن موضوع دليل الثوب الطاهر ، وهو لا يقول هذا طاهر ، بل يقول هذا محرز الطهارة بالامارة ، فلا يكون حاكما.
وعلى هذا الاساس فصل صاحب الكفاية (١) بين الامارات والاصول المنقحة للموضوع ، فبنى على ان الاصول الموضوعية توسع دائرة الحكم الواقعى المترتب على ذلك الموضوع دون الامارات ، وهذا غير
ـــــــــــــــ
(١) كفاية الاصول : ج ١ ص ١٣٣.