وهذا غير محل البحث.
والجواب على الأول : إن ظاهر النفى فى الاية انه هو الطريقة العامة للشارع التى لا يناسبه غيرها ، كما يظهر من مراجعة أمثال هذا التركيب عرفا ، وهذا معناه عدم الاستحقاق. ومنه يظهر الجواب على الاعتراض الثانى ، لأن النكتة مشتركة ، مضافاإلى منع نظر الاية الى العقوبات الدنيوية ، بل سياقها سياق إستعراض عدة قوانين للجزاء الاخروى ، إذ وردت فى سياق « لا تزر وازرة وزر اخرى » (١) فان هذا شأن عقوبات الله فى الاخرة لا فى الدنيا. ولا منشأ لدعوات النظر المذكورة إلا ورود التعبير بصيغة الماضى فى قوله « وما كنا » وهذا بنكتة إفادة الشأنية والمناسبة ، ولا يتعين أن يكون بلحاظ النظر الى الزمان الماضى خاصة.
ولكن يرد على الاستدلال بالاية الكريمة ما تقدم فى الحلقة السابقة (٢) من أن الرسول إنما يمكن أخذه كمثال لصدور البيان من الشارع لا للوصول الفعلى ، فلا تنطبق الاية فى موارد صدوره وعدم وصوله.
ثم إن البراءة إذا استفيدت من هذه الاية فهى براءة منوطة بعدم قيام دليل على وجوب الاحتياط ، لأن هذا الدليل بمثابة الرسول أيضا.
ومنها : قوله تعالى « قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم » (٣) إذ دل على ان عدم الوجدان كاف فى اطلاق العنان.
ويرد عليه :
ـــــــــــــــ
(١) فاطر : ١٨.
(٢) راجع : ج ١ ص ٣٧٤.
(٣) الانعام : ١٤٥.