كان لابد من بذل عناية فى تصحيح هذا الرفع ، وذلك إما بالتقدير ، بحيث يكون المرفوع أمرا مقدرا قابلا للرفع حقيقة ، كالمؤاخذة مثلا. وإما بجعل الرفع منصبا على نفس الأشياء المذكورة ولكن بلحاظ وجودها فى عالم التشريع ، بالنحو المناسب من الوجود لموضوع الحكم ومتعلقه فى هذا العالم ، فشرب الخمر المظطر اليه يرفع وجوده التشريعى بما هو متعلق للحرمة ، وروح ذلك رفع الحكم. وإما بصب الرفع على نفس الاشياء المذكورة بوجوداتها التكوينية ، ولكن يفترض ان الرفع تنزيلى وليس حقيقيا ، فالشرب المذكور نزل منزلة العدم خارجا ، فلا حرمة ولا حد.
ولا شك فى أن دليل الرفع على الاحتمالات الثلاثة جميعا يعتبر حاكما على أدلة الاحكام الأولية باعتبار نظره اليها ، وهذا النظرإما أن يكون إلى جانب الموضوع من تلك الأدلة ، كما هو الحال على الاحتمال الثالث ، فيكون على وزان ( لا ربا بين الوالد وولده ). أو يكون إلى جانب المحمول أى الحكم مباشرة ، كما هو الحال على الاحتمال الاول إذ قدرنا الحكم ، فيكون على وزان ( لا ضرر ). أو يكون إلى جانب المحمول ولكن منظرواإليه بنظر عنائى ، كما هو الحال على الاحتمال الثانى ، لأن النظر فيه إلى الثبوت التشريعى للموضوع ، وهو عين الثبوت التشريعى للحكم ، فيكون على وزان ( لا رهبانية فى الاسلام ).
والظاهرإن أبعد الاحتمالات الثلاثة الاحتمال الأول ، لأنه منفى باصالة عدم التقدير.
فان قيل : كما ان التقدير عناية ، كذلك توجيه الرفع الى الوجود التشريعى مثلا.