عنها بالقاعدة المذكورة ، فيحتاج تنجز التكليف فيهاإلى منجز ، ولابد من البحث حينئذ عن حدود منجزية العلم الاجمالى ومدى إخراجه لأطرافه عن موضوع القاعدة. وأما بناء على مسلك حق الطاعة فكل شبهة منجزة فى نفسها بقطع النظر عن الاصول الشرعية المؤمنة ، وينحصر البحث على هذا المسلك فى الأمرين الاخيرين.
وعلى أى حالة فنحن نتكلم فى الأمر الأول على أساس افتراض قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وعليه فلا شك فى تنجيز العلم الاجمالى لمقدار الجامع بين التكليفين ، لأن معلوم وقد تم عليه البيان ، سواء قلنا بأن مرد العلم الاجمالى إلى العلم بالجامع أو العلم بالواقع. أما على الأول فواضح ، وأما على الثانى فلأن الجامع معلوم ضمنا حتما ، وعليه يحكم العقل بتنجز الجامع ، ومخالفة الجامع إنما تتحقق بمخالفة كلا الطرفين ، لأن ترك الجامع لا يكون إلا بترك كلافردية ، وهذا معنى حرمة المخالفة القطعية عقلا للتكليف المعلوم بالاجمال.
وإنما المهم البحث فى تنجيز العلم الاجمالى لوجوب الموافق القطعية عقلا ، فقد وقع الخلاف فى ذلك ، فذهب جماعة كالمحقق النائينى (١) والسيد الاستاذ (٢) إلى أن العلم الاجمالى لا يقتضى بحد ذاته وجوب الموافقة القطعية وتنجيز كل اطرافه مباشرة. وذهب المحقق العراقى (٣) وغيره إلى أن العلم الاجمالى يستدعى وجوب الموافق القطعية ، كما يستدعى حرمة المخالفة القطعية. ويظهر من بعض هؤلاء المحققين إن
ـــــــــــــــ
(١) أجود التقريرات : ج ٢ ص٢٤٢.
(٢) مصباح الاصول : ج ٢ ص ٣٤٨.
(٣) نهاية الافكار : القسم الثانى من الجزء الثالث ص ٣٠٧.