وأما فى غير هاتين الحالتين فقد يقع الاشكال ، كما فى الظهور العرفى الذى قام الدليل على حجيتع ، فان ليس قطعيا ، كما ان دلالاته الالتزامية ليست ظهورا عرفيا. فقد يقال : إن أمثال دليل حجية الظهور لا تقتضى بنفسهاإلا اثبات المدلول المطابقى ما لم تقم قرينة خاصة على اسراء الحجية الى الدلالات الالتزامية أيضا.
ولكن المعروف بين العلماء التفصيل بين الامارات والاصول ، فكل ما قام دليل على حجيته من باب الامارية ثبتت به مدلولاته الالتزامية أيضا ، ويقال حينئذ : إن مثبتاته حجة. وكل ما قام دليل على حجيته بوصفه أصلا عمليا ، فلا تكون مثبتاته حجة ، بل لا يتعدى فيه من اثبات المدلول المطابقى إلا إذا قامت قرينة خاصة فى دليل الحجية على ذلك.
وقد فسر المحقق النائينى (١) ذلك على ما تبناه من مسلك جعل الطريقية فى الامارات بأن دليل الحجية يجعل الامارة علما ، فيترتب على ذلك كلة ثار العلم ، ومن الواضح ان من شؤون العلم بشىء ، العلم بلوازمه. ولكن أدلة الحجية فى باب الاصول ليس مفادهاإلا التعبد بالجرى العملى على وفق الأصل ، فيتحدد الجرى بمقدار مؤدى الأصل ، ولا يشمل الجرى العملى على طبق اللوازم إلا مع قيام قرينة.
واعترض السيد الاستاذ (٢) على ذلك بأن دليل الحجية فى باب الامارات ، وان كان يجعل الامارة علما ، ولكنه علم تعبدى جعلى ، والعلم الجعلى يتقدر بمقدار الجعل. فدعوى ان العلم بالمؤدى يستدعى العلم بلوازمه ، انما تصدق على العلم الوجدانى لا العلم الجعلى. ومن هنا
ـــــــــــــــ
(١) فوائد الاصول : ج ٤ ص ٤٨٧.
(٢) مصباح الاصول : ج ٣ ص ١٥٤.