الاصل السببى قد لا يكون مفاده كذلك ومع هذا يقدم على الاصل المسببى حتى ولو كان مفاده جعل الطريقية ، فالماء المغسول به الثوب فى المثال المذكور لو كان مرودا لأصالة الطهارة لا لاستصحابها لبنى على تقدمها بلا اشكال على استصحاب نجاسة الثوب المغسول ، مع ان دليل أصالة الطهارة ليس مفاده الغاء الشك لتجرى الحكومة بالبيان المذكور ، وهذا يكشف عن ان نكتة تقدم الاصل السببى على المسببى لا تكمن فى الغاء الشك ، بل فى كونه يعالج موضوع الحكم ، فكانه ذ يحل المشكلة فى مرتبة أسبق على نحو لا يبقى مجال للحل فى مرتبة متأخرة عرفا ، وهذا يعنى ان السببية باللحاظ المذكور نكتة عرفية تقتضى بنفسها التقديم فى مقام الجمع بين دليلى الاصلين السببى والمسببى.
٧ ـ إذا تعارض الاستصحاب مع اصل آخر كالبراءة وأصالة الطهارة تقدم الاستصحاب بالجمع العرفى ، والمشهور فى تفسير هذا التقديم وتبرير الجمع العرفى ان دليل استصحاب حاكم على أدلة تلط الاصول ، لان مفاده التعبد ببقاء اليقين وإلقاء الشك ، وتلك الأدلة اخذ فى موضوعها الشك ، فيكون رافعا لموضوعها بالتعبد.
فان قيل : كما ان الشك مأخوذ فى موضوع أدلة البراءة واصصالة الطهارة ، كذلك هو مأخذو فى موضوع دليل الاستصحاب.
كان الجواب : ان الشك وإن كان مأخوذا فى موضوع أدلتها جميعا ولكن دليل الاستصحاب هو الحاكم ، لان مفاده التعبد باليقين والغاء الشك بخلاف أدلة الاصول الاخرى.
وهذا البيان يواجه نفس الملاحظة التى علقناها على دعوى حكومة