الشامل للهيئات إذا ثبت انها موضوعة بالوضع العام والموضوع له الخاص ، فهذا يعنى أن المعنى الحرفى خاص وجزئى ، وعليه فلا يمكن تقييده بقرينة خاصة ، ولا اثبات اطلاقه بقرينة الحكمة العامة ، لان التقييد والاطلاق من شؤون المفهوم الكلى القابل للتحصيص.
ومما يترتب عليه ذلك ان القيد اذا كان راجعا فى ظاهر الكلام الى مفاد الهيئة ، فلابد من تأويله ، كما فى الجملة الشرطية ، فان ظاهرها كون الشرط قيدا لمدلول هيئة الجزاء ، وحيث ان هيئة الجزاء موضوعة لمعنى حرفى ، وهو جزئى ، فلا يمكن تقييده ، فلابد من تأويل الظهور المذكور. فاذا قيل اذا جاءك زيد فاكرمه ، دل الكلام بظهوره الاولى على أن المقيد بالمجىء مدلول هيئة الامر فى الجزاء ، وهو الطلب والوجوب الملحوظ بنحو المعنى الحرفى ، فيكون الوجوب مشروطا ، ولكن حيث يستحيل التقييد فى المعانى الحرفية ، فلابد من إرجاع الشرط إلى متعلق الوجوب لا غلى الوجوب نفسه ، فيكون الوجوب مطلقا ومتعلقه مقيدا بزمان المجىء على نحو الواجب المعلق الذى تقدم الحديث عن تصويره فى الحلقة السابقة (١).
ولكن الصحيح ان كون المعنى الحرفى جزئيا ليس بمعنى ما لا يقبل الصدق على كثيرين لكى يستحيل فيه التقييد والاطلاق ، بل هو قابل لذلك تبعا لقابلية طرفيه ، وانما هو جزئى بلحاظ خصوصية طرفيه ، بمعنى ان كل نسبة مرهونة بطرفيها ، ولا يمكن الحفاظ عيها مع تغيير طرفيها.
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٣٢٩.