غزاة تبوك التي استنفرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها ، فتخلف فيها كعب بن مالك وأصحابه فهجرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تاب الله عليهم ، أو أن المراد من الآية الوجوب ابتداء ، فإن الواجب الكفائي عندنا واجب على الجميع وإن كان يسقط بفعل من يقوم به منهم ، ولذا يعاقب الجميع بتركه ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام في المروي (١) عنه في دعائم الإسلام : « والجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الله عز وجل ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ ) » فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد ، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوهم حتى يكتفوا ، قال الله عز وجل :( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ) وإن دهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم ، قال الله عز وجل ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) وأما النبوي (٢) فهو مع أن رواية أبو هريرة المعلوم كذبه محتمل ضربا من الندب أو وجوب العزم الذي هو من أحكام الإيمان أو غير ذلك ، وما يحكى عن بعض العامة من أنه كان واجبا على الصحابة ثم نسخ مما هو معلوم البطلان ، بل يمكن دعوى الضرورة على خلافه.
ثم إن الكفاية بحسب الحاجة بكثرة المشركين وقلتهم وضعفهم وقوتهم ، وعن الشيخ والفاضل والشهيدين والكركي أن أقل ما يفعل الجهاد في السنة مرة ، بل عن الأخير دعوى الإجماع عليه ، وهو الحجة
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ١ من أبواب جهاد العدو الحديث ٢٣.
(٢) سنن البيهقي ـ ج ٩ ص ٤٨ وكنز العمال ـ ج ٢ ص ٢٥٥ الرقم ٥٤٢٣.