ولعل اقتصار المصنف عليها في الثاني مقدمة لقوله وأقله في كل عام مرة كما سمعته سابقا من غير واحد مستدلين عليه بقوله تعالى ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ) إلى آخره بالتقريب الذي أسلفناه ولكن لا يخفى عليك ما فيه ، ولذا قيل التحقيق خلاف ذلك في الوجود والعدم ، فقد تجب الزيادة عليها مع الحاجة ، كخوف قوة العدو مع الاقتصار عليها ، وأداؤه إلى ضعف المسلمين عنهم ، ويجوز تركه أصلا في السنة بل والسنتين للعذر مثل أن يكون في المسلمين ضعف في عدد أو عدة أو حصول مانع في الطريق ، كعدم الماء ونحوه ، أو لرجاء الرغبة في الإسلام أزيد من القتال ونحو ذلك ، بل إن اقتضت المصلحة للإسلام والمسلمين مهادنتهم جاز أو وجب لكن لا يتولى ذلك إلا الإمام عليهالسلام أو من يأذن له بالخصوص أو بما يشمله كما صالح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قريشا عشرين سنة حتى نقضوا العهد على ما حضرني من نسخة المسالك ، ولكن المعروف أن أقصى مدة صلح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عشر سنين كما ستعرف التحقيق فيه إن شاء الله بل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه أخر قتال قبائل من العرب بغير هدنة لها أيضا ، وقد سمعت سابقا البحث في جواز تولي نائب الغيبة ذلك.
الطرف الثاني من الأطراف في كيفية قتال أهل الحرب ، والأولى وفي التحرير والقواعد والمنتهى ومحكي السرائر ينبغي للإمام عليهالسلام أن يبدأ بقتال من يليه من الكفار إلا أن يكون الأبعد أشد خطرا ويمكن إرادة الوجوب من ذلك ، كما هو ظاهر النافع والإرشاد والتذكرة والدروس واللمعة وغيرها ، بل هو صريح الكركي وثاني الشهيدين ، لقوله تعالى (١) ( قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ )
__________________
(١) سورة التوبة ـ الآية ١٢٤.