سلا يخلو من نظر ، ولا يشكل ذلك بأن البغاة كفار مرتدون عن فطرة أو أكثرهم أو بعضهم ، والمرتد كذلك لا تقبل توبته عندنا كما في حاشية الكركي والمسالك ، لإمكان القول بقبول توبة هؤلاء خاصة كما وقع من أمير المؤمنين عليهالسلام معهم ، ولعله لكون الشبهة عذرا في حقهم ، ولذا اختصوا بأحكام لا تكون لغيرهم كما تسمعه إن شاء الله في محله ، وحينئذ يتجه تعلق الحكم المزبور بكل من الأقسام الثلاثة.
وكيف كان فلا إشكال في أصل الحكم بعد الأمر به والحث الأكيد عليه كتابا وسنة ، بل هو إن لم يكن من الضروريات فلا ريب في كونه من القطعيات ، نعم قد يمنع الوجوب ، بل قد يقال بالحرمة لو أراد الكفار ملك بعض بلدان الإسلام أو جميعها في هذه الأزمنة من حيث السلطنة مع إبقاء المسلمين على إقامة شعار الإسلام وعدم تعرضهم في أحكامهم بوجه من الوجوه ، ضرورة عدم جواز التغرير بالنفس من دون إذن شرعي ، بل الظاهر اندراجه في النواهي عن القتال في زمن الغيبة مع الكفار في غير ما استثني ، إذ هو في الحقيقة إعانة لدولة الباطل على مثلها.
نعم لو أراد الكفار محو الإسلام ودرس شعائره وعدم ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وشريعته فلا إشكال في وجوب الجهاد حينئذ ولو مع الجائر لكن بقصد الدفع عن ذلك لا إعانة سلطان الجور ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص (١) بالخصوص التي تقدم بعضها ، وإلى عموم الأمر بالقتال في الآيات المتكثرة الشاملة للفرض ، بل ظاهر الأصحاب أنه من أقسام الجهاد فتشمله حينئذ آياته ورواياته وإن كان لا يشترط فيه الشرائط الخاصة التي هي للجهاد الابتدائي للدعاء إلى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٦ و ٧ من أبواب جهاد العدو.