تجوز الفتوى إلا له ، ضرورة اشتراطهما معا بالاجتهاد ، والفرق بينهما أن الحكم إنشاء قول في حكم شرعي متعلق بواقعة مخصوصة ، كالحكم بأن الدار ملك لزيد ، وأن هلال شهر رمضان سنة كذا قد حصل ونحو ذلك مما هو في قضايا شخصية ، والفتوى حكم شرعي على وجه كلي ، كقوله : المعاطاة جائزة ، أو شخصي يرجع إلى كلي ، كقوله لزيد إن صلاتك باطلة ، لأنك تكلمت فيها مثلا ، إذ مرجعه إلى بطلان صلاة من تكلم في صلاته ، وزيد منهم ، وحكاية الفتوى عن الغير أو إطلاقها مع القرائن الدالة على ذلك ليست فتوى من الحاكي ، وإنما هو راو يجوز العمل بقوله مع عدالته.
وكيف كان ف مع اتصاف المتعرض للحكم بذلك أي الاجتهاد الجامع للشرائط يجوز الترافع إليه للحكم والفصل بل يجب على الخصم إجابة خصمه إذا دعاه للتحاكم عنده كما يجب القبول على من حكم له وعليه منهما بلا خلاف أجده في شيء منهما ، لما سمعته من قول الصادق عليهالسلام في مقبولي ابن حنظلة وأبي خديجة وصاحب الزمان روحي له الفداء في التوقيع المعتضد بالإجماع بقسميه عليه.
نعم قد يظهر من بعض عدم الوجوب بمجرد طلب الخصم ذلك ، بل يتوقف على طلب الحاكم له ، ولكن ظاهر النصوص وجوب الإجابة عليه بمجرد طلب خصمه ذلك ، كما أن الظاهر كون التعيين مع التعدد بيد المدعي الذي له حق الدعوى ، ويجب عليه الحكم والإفتاء كفاية مع عدم المانع ، لقوله تعالى (١) ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٥٤.