إنما يدل على ذم غير العامل بما يأمر به لا على عدم الوجوب عليه ، واحتمال الثاني اللوم على قول فعلنا أو ما يدل على ذلك ولا فعل ، والثالث الإشارة إلى الإمام القائم بجميع أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتعريض بأئمة الجور المتلبسين بلباس أئمة العدل ، كل ذلك لإطلاق ما دل على الأمر بهما كتابا وسنة وإجماعا من غير اشتراط للعدالة ، بل ظاهر حصرهم الشرائط في الأربعة عدم اشتراط غيرها ، بل عن السيوري والبهائي والكاشاني التصريح بعدم اعتبار العدالة ، نعم يعتبر في الأمر التكليف ، كما أنه يعتبر في المأمور والمنهي ، ومنع الصبي والمجنون عن إضرار الغير ليس من الأمر بالمعروف ، بل هو كمنع الدابة المؤذية ، فما في كنز العرفان ـ من أنه لا يشترط في المأمور والمنهي أن يكون مكلفا ، فإن غير المكلف إذا علم إضراره للغير منع من ذلك وكذا الصبي ينهى عن المحرمات لئلا يتعودها ، ويؤمر بالطاعات ليتمرن عليها ـ واضح الفساد بعد ما عرفت من أن المنكر المحرم والمعروف الواجب ، ولا واجب ولا محرم بالنسبة إلى غير المكلف.
وكيف كان ف مراتب الإنكار ثلاث بلا خلاف أجده فيه بين الأصحاب : الأولى الإنكار بالقلب كما سمعته سابقا في الخبر (١) المروي عن الباقر عليهالسلام « فأنكروا بقلوبكم ، والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ـ إلى أن قال ـ فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم » إلى آخره ، وفي المروي (٢) عن أمير المؤمنين عليهالسلام أيضا « من ترك إنكار المنكر بقلبه ويده ولسانه فهو ميت في الأحياء » وفي الآخر المروي (٣) عنه عليهالسلام
__________________
(١) و (٢) و (٣) الوسائل ـ الباب ٣ من أبواب الأمر والنهي الحديث ١ ـ ٤ ـ ١٠