الذي هو لا ينافي خطاب الوضع والإجماع الموهون بما عرفت ، بل وبمصير حاكيه إلى خلافه ، فالتحقيق حينئذ وجوبها عليه من غير فرق بين ذي العاهة وغيره ، خلافا لأبي الصلاح فأسقطها عن الفقير ذي العاهة والعموم حجة عليه.
ولكن ينتظر بها حتى يؤسر كما صرح به غير واحد مشعرا بكونها كغيرها من الديون ، لكن إن لم يكن إجماع يتجه ، لعموم الأدلة ، وإرادة الهوان به وجوبها عليه مع إمكان الأداء على كل حال ولو بالقرض أو بيع شيء من المستثنيات أو غير ذلك ، نعم ينتظر بها مع عدم الإمكان أصلا ، ولم يثبت عندنا ما يروى (١) عن علي عليهالسلام أنه استعمل رجلا على عكبرا فقال له : على رءوس الناس لا تدعن لهم درهما من الخراج ، وشدد عليه القول ، ثم قال له : القني عند انتصاف النهار ، فأتاه فقال : إني كنت قد أمرتك بأمر وإني أتقدم إليك الآن فإن عصيتني نزعتك ، لا تبعن لهم في خراجهم حمارا ولا بقرة ولا كسوة شتاء ولا صيف ، ارفق بهم » على أنه يمكن أن يكون في غير الجزية التي ستعرف إرادة التشديد بها حتى يتحقق الصغار الذي قد يدعوهم إلى الإسلام.
ولو ضرب عليهم جزية فاشترطوها على النساء مثلا لم يصح الصلح على ذلك كما صرح به غير واحد ، لأنه من المحلل للحرام بعد إسقاط الشارع الجزية عنهن مطلقا ، ولعل فساد الصلح أجمع لاشتماله على الشرط الفاسد بناء على اقتضائه فساد العقد ، أو أن المراد فساده بالنسبة إليهن وإن بقي صحيحا بالنسبة إلى الرجال بعد علمهم
__________________
(١) كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ٤٤ الرقم ١١٦.