« لأنسهما بك ليلة خير من جهاد سنة » وعن ابن عباس (١) « جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أجاهد معك فقال : لك أبوان قال : نعم ، قال ففيهما جاهد » وفي آخر (٢) « إني جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان قال : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما » وعن أبي سعيد (٣) « أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هل لك باليمن أحد قال : نعم أبواي قال : أذنا لك قال : لا ، قال فارجع فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فسرهما » بل ظاهر الأخير ومعقد الإجماع المزبور اعتبار الإذن فضلا عن سلطنة المنع ، بل ربما كان ذلك أيضا ظاهر محكي المبسوط والوسيلة والتحرير والتذكرة ، إلا أن الخبر عامي ، ومعقد الإجماع محتمل لإرادة ولاية المنع ، وزاد في المنتهى الاستدلال بأن طاعة الأبوين فرض عين ، والجهاد فرض كفاية ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية إلا أنه لا يقتضي اعتبار الإذن ، وبالجملة إن تم الإجماع المزبور فذاك وإلا أشكل اعتبار الإذن بحيث إن خرج من دون ذلك ولو مع عدم علمهما وعدم نهيهما عنه يكون آثما للأصل وعموم الأدلة ، ولعل ذلك هو ظاهر المصنف والفاضل ويحيى بن سعيد والشهيدين والكركي وغيرهم على ما حكي عن بعضهم لاقتصارهم على أن لهما المنع ، بل قد يشكل عموم وجوب الطاعة في جميع ما يقترحانه في غير فعل محرم وترك واجب مما لا أذية عليهما فيه في الفعل والترك على وجه يكون كالسيد والعبد بعدم دليل معتد به على ذلك ، ودعوى كون مطلق المخالفة عقوقا وإيذاء وعدم مصاحبته بالمعروف واضحة المنع ، خصوصا بعد أن كان العقوق
__________________
(١) و (٣) المستدرك ـ الباب ٢ من أبواب جهاد العدو الحديث ٢ ـ ٣
(٢) سنن البيهقي ـ ج ٩ ص ٢٦.