ولا خلاف في أنه يجوز المهادنة على حكم من يختاره الإمام عليهالسلام بل في المنتهى الإجماع عليه ، لأنه لا يختار إلا الصالح للحكم دون المهادنة على حكم من يختاره أهل الحرب إلا أن يعينوا رجلا تجتمع فيه شروط الحاكم كما وقع من بني قريظة حيث اختاروا سعد بن معاذ فقبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم ولكن لا يخفى عليك أن هذا ليس مهادنة على اختيارهم ، وقد سمعت الأمر بإنزالهم على حكمكم ، وفي المنتهى « لو نزلوا على حكم رجل غير معين وأسندوا التعيين إلى ما يختارونه لأنفسهم قبل ذلك منهم ثم ينظر فإن اختاروا من يجوز أن يكون حاكما قبل منهم ، وإن اختاروا من لا يجوز تحكيمه كالعبد والصبي والفاسق لم يجز اعتبارا للانتهاء بالابتداء وقال الشافعي : لا يجوز إسناد الاختيار إليهم ، لأنهم ربما يختارون من لا يصلح لذلك ، والأول مذهب أبي حنيفة ، وعندي فيهما تردد » قلت : إن كان الاختيار إليهم في التعيين من العسكر بعد أن كان الحكم للجيش يتجه الجواز ، ضرورة كونه من النزول على حكمنا ، فيندرج في الخبر المزبور ، ولكن لو فرض اختيارهم غير الصالح منهم فلا ريب في عدم قبوله ، إلا أنه هل يقتضي بطلان عقد الهدنة المزبور أو يبقى على مقتضاه فيختارون خيرة جديدة للصالح وجهان ، أقواهما الثاني ، كما أن الأقوى بقاء الحكومة للحاكم لو فرض حكمه بخلاف الشرع خطأ ، فينفذ حكمه حينئذ بعد ذلك بالمشروع خلافا لأبي حنيفة وهو واضح.
نعم لو مات الحاكم قبل الحكم بطل الأمان ويردون إلى مأمنهم بلا خلاف أجده فيه بل ولا إشكال ، ضرورة عدم ما اتفقوا عليه من الحاكم الشخصي ، والفرض أنهم نزلوا على حكمه ، فهم في الأمان حتى