لوجوب حفظ النفس وحرمة التغرير بها وقيل ولكن لم نعرف القائل به قبل المصنف يستحب الانصراف وهو أشبه عند المصنف بأصول المذهب وقواعده التي منها أصالة البراءة من الوجوب في نحو الفرض بعد ما يستفاد من الكتاب والسنة من الترغيب في الشهادة ، ومن كون النصر بإذن الله وغير ذلك مما يكون أقل مراتبه الجواز ، بل لعل المتجه الندب ، ضرورة ظهور الأدلة في رجحانه ، بل لا أعرف دليلا على جوازه خاليا عن الرجحان ، بل يمكن القطع بعدمه ، بل لم أعرف من حكاه قولا غير المصنف ، والذي حكاه في المنتهى عدم وجوب الانصراف لأن لهم غرضا في الشهادة ، واستحسنه ، كما أن المحكي من عبارة المبسوط الجواز لا الندب فمتى جاز كان واجبا أو مستحبا ، بل يمكن إرادة القائل المزبور أفضلية الانصراف منه باعتبار حصول البقاء الذي هو سبب لكثير من العبادات والطاعات والمبرات لا الجواز بالمعنى الأخص الذي هو بمعنى الإباحة الصرفة من دون ترتيب شيء من الثواب عليه مع فرض بذل نفسه في الدين ، فإنه يمكن القطع بعدمه ، كما أنه يمكن القطع بعدم الوجوب بعد ملاحظة ما ورد في الكتاب والسنة من الترغيب في الشهادة والحث على الثبات ونحو ذلك مما يكفي بعضه في رفع الوجوب ، وبه يفترق حال الجهاد حينئذ عن غيره ضرورة وجوب الانصراف في الفرض في غير الجهاد بخلافه ، والله العالم.
ولو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات كما في المبسوط والمختلف والقواعد والتحرير والتنقيح للأصل بعد ظهور الأدلة في وجوب الثبات للضعف مع الكثرة كما يشعر به قوله تعالى (١) ( فَإِنْ
__________________
(١) سورة الأنفال ـ الآية ٦٧.