وكيف كان ف لا يجب النهي عن المنكر ولا الأمر بالمعروف الواجب ما لم يكمل شروط أربعة كما صرح بذلك الفاضل والشهيدان وغيرهم ، ولعل اقتصار المصنف على الأول لإرادة الأعم من ترك الحرام وفعل الواجب عن المنكر على أن يكون المراد بالنهي عن الثاني هو الأمر بالفعل الذي هو المعروف ، أو لوضوح أنها شرائط فيهما ، أو لغير ذلك.
وعلى كل حال ف الأول أن يعلمه معروفا ومنكرا ليأمن من الغلط في التعريف والإنكار كما صرح به الحلي والفاضل والشهيدان والمقداد وغيرهم على ما حكي عن بعضهم ، بل عن المنتهى نفي الخلاف فيه ، ومقتضاه كون ذلك شرطا للوجوب كالاستطاعة للحج وحينئذ فالجاهل معذور ، لكن في حاشية الكركي والمسالك النظر في ذلك ، قال في الأول : « ولقائل أن يقول : إن في اشتراط الوجوب به نظرا ، فإن من علم أن زيدا قد صدر منه فعل منكر أو ترك معروفا في الجملة بنحو شهادة العدلين ولا يعلم المعروف والمنكر ينبغي أن يتعلق به وجوب الأمر والنهي ، ويجب عليه تعلم ما يصح معه الأمر والنهي ، كما يتعلق بالمحدث وجوب الصلاة ، ويجب عليه تحصيل شروطها ، والأصل في ذلك أنه لا دليل يدل على اشتراط الوجوب بهذا الأمر ، فإن الأمر بهما ورد مطلقا ، وتقييده يتوقف على الدليل ، وهو منتف ، وظاهر تعليلهم يرشد إلى ذلك فإنه كما هو ظاهر لا يستلزم ما ادعوه ، لأنا على ذلك الاحتمال نوجب عليه ـ بعد الإحاطة بترك المعروف في الجملة ـ التعلم ثم الأمر » وقال في الثاني منهما : « وقد يناقش بأن عدم العلم بالمعروف والمنكر لا ينافي تعلق الوجوب بمن لم يعلم ، وإنما ينافيه نفس الأمر والنهي حذرا من الوقوع في الأمر بالمنكر