فيهم لا يمكنه إظهار دينه ولا عذر له من مرض ونحوه ، والثاني من تستحب له ، وهو من أسلم في بلاد الشرك أو كان فيها ويمكنه إظهار دينه لعشيرة تمنعه أو غير ذلك ، فإنها لا تجب عليه كما صرح به جماعة بل لا أجد فيه خلافا ، للأصل وظاهر الآية أيضا وغيره ، ولكن يستحب له كما صرح به جماعة تجنبا لهم عن تكثير عددهم وعن معاشرتهم ، اللهمّ إلا أن يكون في بقائه مصلحة للدين ، الثالث من لا تجب عليه ولا تستحب له ، وهو من كان له عذر يمنعه عنها من مرض ونحوه مما أشير إليه بقوله تعالى ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ ) الآية ، نعم إذا تجددت له القدرة وجبت.
وعلى كل حال ف الهجرة باقية ما دام الكفر باقيا كما صرح به الفاضل والشهيدان وغيرهم ، بل لا أجد فيه خلافا بيننا ، بل ظاهر المسالك انحصار المخالف في بعض العامة ، ولا إشكالا لإطلاق الأدلة السابقة ، والنبوي (١) « لا هجرة بعد الفتح »
مع عدم ثبوته من طرقنا معارض بالآخر « لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها » فيجب حمله على إرادة نفيها عن مكة لصيرورتها بالفتح بلد إسلام ، أو على إرادة نفي الكمال على نحو قوله تعالى (٢) ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ ) أو غير ذلك.
هذا كله في بلاد الشرك ، وعن الشهيد إلحاق بلاد الخلاف التي لا يتمكن فيها المؤمن من إقامة شعار الإيمان ، فتجب عليه الهجرة مع
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٣٦ من أبواب جهاد العدو الحديث ٧.
(٢) سورة الحديد ـ الآية ١٠.