الإسلام كما تقدم بعض الكلام فيه ، ولقد أطنب بعض أفاضل العصر في الاستدلال على وجوبه وفي ذكر أحكام في ذلك تزيد على خمسين وإن كان جملة منها من الواضحات كذكره التقصير في السفر فيه الذي هو من المعلومات الأولية بعد أن كان سفر طاعة واجبة ، وبعضها واضح المنع ، كدعوى كون المقاتلة المزبورة من الواجب العيني على جميع الناس وأغرب شيء ذكره منها أنه رجح كون الوجوب فيه على التراخي ، ثم ذكر لو تعارض مع الحج فهل يقدم عليه أو يقدم القتال عليه ، مع أن من المعلوم فورية وجوب الحج ، فلا ينبغي معارضة الواجب على التراخي إياه ، هذا بعد الإغضاء عن دعوى كون الوجوب في الفرض على التراخي ، خصوصا في بعض الأحوال ، بل والإغضاء عما في كثير من كلامه من أشباه ذلك.
وكيف كان فإن بدءوا المسلمين بالقتال فالواجب محاربتهم مع المكنة بلا خلاف ولا إشكال ، بل هو كالضروري ، بل إن كفوا وجب ابتداؤهم بها بحسب المكنة كذلك أيضا بعد تعاضد الكتاب والسنة والمعلوم من سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتابعين من شدة المواظبة والحث عليه حتى تكرر ذلك منه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في النزع ، وخصوصا في تنفيذ جيش أسامة بن زيد ، لكن قد يظهر من العبارة اعتبار المكنة في الثاني دون الأول ، ولكن من المعلوم عدم إرادته ، ضرورة اعتبارها في كل منهما ، نعم هي في الأول بمعنى القدرة على دفعهم وردهم وكف أذاهم ، وفي الثاني القدرة على مقاومتهم وقهرهم على الإسلام والقيام بشرائط الذمة إن كانوا من أهلها ، وإلا فالقتل.