على المسلم جزية » المعتضدين بما سمعت من الإجماع وبالنبوي الثالث (١) « لا ينبغي للمسلم أن يؤدي الخراج يعني الجزية » وبقوله تعالى (٢) ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) وبأن وضعها للصغار والإهانة للرغبة في الإسلام المنزه عنهما المسلم ، وبظهور دليل وجوبها في الإعطاء صاغرا ، ومن المعلوم عدمه في المسلم ، وبفحوى سقوطها في الأول الذي قد عرفت الإجماع عليه الصادق على ما قبل الحول ولو بساعة وأقل ، ومنه يعلم ضعف التمسك بالاستصحاب الذي هو موجود فيهما ، فعدم مراعاته في الأول المجمع عليه يمكن أن يكون لكونه مشروطا بعدم الإسلام قبل حول الحول ، لظهور أدلة أخذها منه صاغرا في كونه باقيا على اليهودية ، وهو بعينه آت في الثاني ، ضرورة ظهوره في كونه وقت الأداء الذي هو الإعطاء كذلك أيضا ، بل منه يعلم كون المراد عدمها على المسلم الشامل لمحل الفرض ، كما أن منه يعلم إرادة ما يشمل المقام من خبر الجب ، ودعوى أنها من الديون التي لا يجبها الإسلام يدفعها ظهوره في جب الإسلام ما كان يقتضيه الكفر ، والجزية وإن كانت كالدين إلا أنها من مقتضيات الكفر الذي جبه الإسلام ولو أغضينا عن ذلك كله وقلنا بحصول الشك من تصادم الاستصحاب والإجماع المحكي وغير ذلك مما عرفت كان المتجه البراءة لأصالتها ولا يقطعها الاستصحاب الذي فرضناه من أسباب الشك.
نعم لو مات الذمي بعد الحول وهو ذمي لم تسقط وأخذت من تركته كالدين بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به غير واحد بل ولا إشكال ، خلافا لأبي حنيفة فتسقط ، لأنها عقوبة كالحد
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٩ ص ١٩٣.
(٢) سورة الأنفال ـ الآية ٣٩.