بينبغي المشعر بالندب المحتمل إرادته ممن عرفت أيضا ، بل قيل هو أوفق بقولهم : « وتسقط الدعوة عمن قوتل لها وعرفها » الشامل لدعاء الإمام عليهالسلام ومنصوبه وغيرهما ، وإن كان فيه إمكان إرادة الدعوة من الإمام عليهالسلام ومنصوبه ، خصوصا ممن ذكر ذلك متصلا بالعبارة السابقة ، بل لا تخفى عليك أمارات التقية من الخبر المزبور ، وإلا فقد عرفت عدم جواز الغزو في زمان الغيبة ، نعم قد يقال إنه لا دليل صالح على الوجوب ، والأصل البراءة ، مؤيدا بحصول الغرض بصدورها من كل أحد ، والظاهر الاكتفاء ببلوغها إلى رئيسهم مشافهة أو مراسلة أو مكاتبة ، والأولى اعتبار بلوغها إلى كل مقاتل منهم ، كما أن الأولى كونها بالمأثور ، وهو بسم الله أدعوك إلى الله وإلى دينه ، وجماعة أمران أحدهما معرفة الله ، والآخر العمل برضوانه ، وأن معرفة الله أن يعرفه بالوحدانية والشرافة والعلم والقدرة والعلو في كل شيء وأنه الضار النافع القاهر لكل شيء الذي لا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن ما جاء به الحق من عند الله ، وأن ما سواه لهو الباطل ، فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمؤمنين وعليهم ما على المؤمنين.
وكيف كان فقد صرح الشيخ والفاضلان والشهيدان وغيرهم بأنه يسقط اعتبار وجوب الدعوة على تقديره في حق من عرفها بقتال سابق عليها أو بغير ذلك ، للأصل وما سمعته في خبر السلمي وما حكاه غير واحد (١) من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غزا بني المصطلق وهم آمنون وإبلهم تسقى على الماء واستأصلهم ، بل لعله لا خلاف فيه وإن حكي عن إطلاق النهاية والسرائر والتبصرة ، لكن
__________________
(١) البحار ـ ج ٢٠ ص ٢٨١ إلى ص ٣٠٩ الطبع الحديث.