الظاهر في الوجوب وإن كان قد يناقش بأن الأمر بمقاتلتهم غير الأمر بالبداءة بقتالهم ، فتبقى العمومات حينئذ بحالها ، نعم يتجه إرادة التأكد فيهم كما في كل عام أمر ببعض أفراده بالخصوص بعد الأمر بالعموم ، ومن هنا صرح المقداد بالندب الذي يشعر به التعبير بالأولى وينبغي ، بل يمكن إرادته من غيرهم أيضا ، ولعله لكونه مقتضى السياسة أيضا ، نعم إذا كان الأبعد أشد خطرا وأكثر ضررا بدأ به كما صرح به الفاضل والشهيدان وغيرهم ، بل لا أجد فيه خلافا ، ولذا أغار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) على الحارث بن أبي ضرار لما بلغه أنه تجمع له ، وكان بينه وبينه عدو أقرب منه ، وكذا فعل بخالد بن سفيان الهذلي (٢) أو كان الأقرب مهادنا كما صرح به أيضا غير واحد أو منع من مقاتلة الأقرب مانع ، وبالجملة ينبغي مراعاة المصلحة في ذلك ، وهي مختلفة باختلاف الأحوال ، ومنه يعلم حال الأقرب فالأقرب فإن ذلك من أحكام السياسة التي ترجع إلى نظر الإمام عليهالسلام ومأذونه ولذا يجب على الإمام عليهالسلام ومنصوبه التربص إذا كثر العدو وقل المسلمون حتى تحصل الكثرة للمقاومة ثم تجب المبادرة كما في القواعد ، ولكن في التحرير يستحب له أن يتربص بالمسلمين مع القلة ويؤخر الجهاد حتى يشتد الأمر بالمسلمين ، ولعل المراد حال آخر غير المفروض
ثم إن الكثرة المقاومة تختلف باختلاف الحال ، وقال عمر بن أبي نصر (٣) « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : خير الرفقاء أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير العساكر أربعة آلاف ، ولا تغلب
__________________
(١) و (٢) سنن البيهقي ـ ج ٩ ص ٣٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ٥٤ من أبواب جهاد العدو الحديث ١ عن عمرو بن أبي نصر.