والنهي عن المعروف ، وحينئذ فيجب على من علم بوقوع المنكر أو ترك المعروف من شخص معين في الجملة بنحو شهادة العدلين أن يتعلم ما يصح معه النهي والأمر ثم يأمر أو ينهى ، كما يتعلق بالمحدث وجوب الصلاة ويجب عليه تحصيل شروطها ، وحينئذ فلا منافاة بين عدم جواز أمر الجاهل ونهيه حال الجهل وبين وجوبهما عليه كما تجب الصلاة على المحدث والكافر ، ولا تصح منهما على تلك الحال » وفيه ـ مع أنه مناف لما سمعته من الأصحاب من دون خلاف فيه بينهم كما اعترف به في المنتهى ـ أنه مناف أيضا لما في خبر مسعدة (١) السابق الذي حصر الوجوب فيه على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر ، بل يمكن دعوى أن المنساق من إطلاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ما علمه المكلف من الأحكام من حيث كونه مكلفا بها ، لا أنه يجب أن يتعلم المعروف من المنكر زائدا على ذلك مقدمة لأمر الغير ونهيه اللذين يمكن عدم وقوعهما ممن يعلمه من الأشخاص ، وأما ما ذكراه من المثال فهو خارج عما نحن فيه ، ضرورة العلم حينئذ بتحقق موضوع الخطاب بخلاف من فعل أمرا أو ترك شيئا ولم نعلم حرمة ما فعله ولا وجوب ما تركه ، فإنه لا يجب تعرف ذلك مقدمة للأمر والنهي لو فرضنا كونهما منه ، بل أصل البراءة محكم ، وهو مراد الأصحاب بكونه شرطا للوجوب ، والله العالم.
والثاني أن يجوز تأثير إنكاره ، فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لم يجب بلا خلاف أجده في الأخير ، بل في ظاهر المنتهى الإجماع عليه ، لكن قد يشكل بالنسبة إلى المرتبة الأولى منه ، وهو الإنكار القلبي الذي ستعرف وجوبه على الإطلاق ، اللهمّ إلا أن يقال
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٢ من أبواب الأمر والنهي الحديث ١.