تمشيتم إليه فقلتم يا هذا إما أن تعتزلنا أو تتجنبنا ، وإما أن تكف عن هذا ، فإن فعل ، وإلا فاجتنبوه » وقوله عليهالسلام أيضا (١) : « إن الله عز وجل بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلا يدعو ويتضرع ـ إلى أن قال ـ فعاد أحدهما إلى الله تعالى فقال : يا رب إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك ، فقال : امض إلى ما أمرتك ، فإن ذا رجل لم يتمعر ـ أي يتغير ـ وجهه غضبا لي » إلى غير ذلك من النصوص التي تقدم بعضها الآمرة بهجرانهم وهجران مجالسهم.
لكن لا يخفى عليك ما في جملة من هذه التفاسير ، إذ الأول كما ذكرنا سابقا ليس من الأمر بالمعروف ولا من النهي عن المنكر لغة ولا عرفا ، وإنما هو من أحكام الإيمان حال وجود موضوعهما وعدمه وكذا زيادة عدم الرضا بالمعصية معه ، فإن الرضا وإن كان محرما في نفسه لكن عدمه ليس أمرا ولا نهيا ، وكذا البغض ما لم يظهر ، وأغرب من ذلك زيادة الابتهال الذي لا مدخلية له في الأمر بالمعروف ، بل لا قائل بوجوبه ، نعم إظهار الكراهة والهجر ونحوهما دالان على طلب الفعل أو الترك ، ومن هنا قلنا سابقا إنه لا بد من ضميمة في الإنكار بالقلب يكون بها داخلا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلا أنه بهذا المعنى مشروط أيضا بتجويز التأثير وبعدم الضرر.
فلا يتم قول المصنف بل والعلامة في المحكي عن جميع كتبه : وهو أي الإنكار بالقلب يجب وجوبا مطلقا على معنى أنه لا يتوقف على التجويز ولا على أمن الضرر كما صرح به غير واحد ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٦ من أبواب الأمر والنهي الحديث ٢.