وهو بظاهره يشعر بإمكان دلالة الكلام المذكور على ما زاد على الإمساك إلى الليل ، وإنّما المانع منه ظهور الأمر في الوجوب النفسي. وفساده ظاهر ؛ لما عرفت من أنّ عدم الدلالة على الزيادة على الحكم الخاصّ على تقدير عدم المفهوم من أجلى الضروريّات ، سواء كان الأمر ظاهرا في الوجوب النفسي أو الغيري ، إذ على الثاني أيضا لا يمكن التجاوز عن مدلول اللفظ ، كما هو ظاهر.
نعم ، لو كان الأمر ظاهرا في الوجوب النفسي ، فلو ورد بعد ذلك خطاب آخر يعلم باتّحاد التكليف منه ومن الخطاب الأوّل لا بدّ من حمل الأمر على الوجوب الغيري ، لأنّ دلالة الأمر على النفسيّة ـ على ما صرّح به ـ إنّما هو بالإطلاق ، ومع وجود ما يصلح للتقييد لا يبقى له ظهور كما هو الشأن في جميع المطلقات. ولعلّ ذلك هو الباعث إلى مصيره إليه فأثبت مقامين وزعم أنّ الثاني أيضا من المفهوم جدّا.
ثمّ إنّ ما ذكره بعينه جار في الوصف واللقب وأضرابها. وقد تفطّن به أيضا ، إلاّ أنّه دفعه بأنّه لا يظهر هناك ثمرة ، بخلافه في المقام حيث نعلم اتّحاد التكليف ، كما لو ورد أمر بالصوم إلى سقوط القرص وورد أمر آخر إلى سقوط الحمرة فيحكم بينهما بالتعارض (١).
وفيه : أنّ التعارض إن كان بواسطة دلالة الغاية على انتفاء الأمر ، فعدم مجيئه بالوصف مسلّم ، إلاّ أنّه خلاف المفروض. وإن كان بواسطة ظهور الأمر في النفسي بعد فرض اتّحاد التكليف فهو منقوض :
__________________
(١) انظر الفصول : ١٥٤.