فيما إذا دخلت على الجملة وادّعى الوفاق فإنّما أراد ما ذكرنا ؛ نظرا إلى أنّ الأغلب كونها للترقّي ، بخلاف ما إذا كان بعدها مفرد ، فيحتمل الوجهين.
وكيف كان ، ففيما إذا كانت إضرابيّة اختلفوا فيها على أقوال :
أحدها : إفادتها الحصر مطلقا سواء كان في الإيجاب أو النفي ، وهو المنسوب إلى الحاجبي (١).
الثاني : العدم مطلقا ، وهو المنسوب إلى الزمخشري (٢) ، فقولك : « جاءني زيد بل عمرو » إنّما يدلّ على صرف الحكم المقصود بالكلام إنشاؤه عن زيد وإثباته لعمرو من غير دلالة على حكم المتبوع.
الثالث : التفصيل بين النفي فيدلّ ، والإثبات فلا يدلّ. ذهب اليه جماعة منهم نجم الائمّة (٣) والتفتازاني (٤) ـ على ما حكي ـ واختاره بعض أعاظم المتأخّرين (٥). واستند في ذلك : بأنّ احتمال الغلط في النفي بعيد ، بخلافه في الإثبات.
ثمّ إنّه ينبغي أن لا يكون من موضع الخلاف ما إذا كانت مسبوقة بـ « لا » ، فإنّه حينئذ كالنصّ في ثبوت المفهوم. ولا يبعد دعوى الوفاق ، إلاّ أنّ ابن هشام جعله لتأكيد الإضراب (٦) فلو كان لمجرّد الصرف عنده كان مخالفا.
__________________
(١) حكى عنه الكلباسي في إشارات الاصول ١ : ٢٥٢.
(٢) المصدر المتقدم ، وراجع شرح الأنموذج من كتاب جامع المقدمات ٢ : ٤٠١.
(٣) شرح الكافية ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٧٩.
(٤) انظر شرح التلويح على التوضيح ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٥) الظاهر أنه هو الكلباسي صاحب إشارات الاصول ، فراجع.
(٦) مغني اللبيب : ١٥٣.