وكيف كان ، فلنا في المقام دعويان :
إحداهما : التعويل عند وجود أصل رافع للاشتباه ، كما إذا قيل : « أكرم العلماء إلاّ فسّاقهم » وشكّ في زيد العالم أنّه هل هو فاسق بعد العلم بعدالته سابقا أو لا؟ فاستصحاب العدالة يوجب تحكيم العامّ في المورد المشكوك ، كما أنّ استصحاب الفسق في مورده يوجب تحكيم عنوان التخصيص. وكذا إذا قيل : « أكرم عدول العلماء » وشكّ في زيد العالم في عدالته ، فبأصالة عدم حصول الملكة له يحكم بعدم وجوب إكرامه ، ولا إشكال في ذلك على ما قرّرنا في محلّه.
الثانية : عدم صحّة التمسّك بالعامّ في مورد الاشتباه عند انتفاء أصل موضوعي.
والذي يدلّ عليه : أنّ المقصود من الاستدلال بدليل والداعي إليه إنّما هو رفع الشكّ الذي أوجب النظر والفحص ، إذ مع عدمه بعد الالتفات لا حاجة إلى الاستدلال قطعا والشكّ في المقام ممّا لا نعقل رفعه بالتمسّك بالعامّ.
وتوضيحه : أنّ منشأ الشكّ في الشبهة الموضوعيّة هو التردّد في الأمور الخارجيّة التي لا مدخل لإرادة المتكلّم فيها بوجه ، بل ذلك التردّد والاشتباه كثيرا ما يقع للمتكلّم أيضا ، بل قد يقطع المتكلّم بخلاف ما هو الواقع في المصاديق أيضا ، فمن حاول رفع هذه الشبهة فلا بدّ من رجوعه إلى ما هو المعدّ في الواقع لإزالة هذه الشكوك والشبهات من اختبار وتجربة وإحساس ونحوها ، وما يمكن رفعه بالرجوع إلى العام هو الشكّ في مراد المتكلّم على وجه لو صرّح بمراده بعد الرجوع إليه لم يقع الشكّ فيه ، ففيما إذا شكّ في أنّ زيدا عادل لو راجعنا المتكلّم أيضا لا يرتفع الشكّ المذكور من حيث هو متكلّم ، فلا وجه لتحكيم العامّ في مورد