وتوضيحه : أنّ أصالة عدم وجود الفاسق الأزلي يكفي في المقام بعد إحراز عنوان العامّ في الفرد المشكوك ، ولا يكفي في القسم الأوّل ، لأنّ مجرّد عدم إحراز وجود الفاسق بالأصل لا يجوب إحراز ما هو الموضوع في الحكم من عنوان العامّ مع ما هو ضدّ لعنوان المخصّص.
وفيه أوّلا : إن اريد من استصحاب عدم الفاسق إثبات أنّ المشكوك ليس فاسقا ، فهو ممّا لا تعويل عليه. وإن اريد استصحابه بدون ذلك فالشكّ في محلّه ، فلا وجه في تحكيم العامّ فيه. وإن اريد استصحاب عدم الفسق في هذا المشكوك الخاصّ ، ففيه أنّ هذا الفرد متى يكون لا فاسقا حتى يستصحب؟
وثانيا : أنّ الحكم في القسم الأوّل ربما يترتّب على نفس عدم الفاسق ، كما إذا قيل : « أكرم العلماء العدول » مضافا إلى أنّ هذا الوجه لو تمّ لم يكن تحكيما للعامّ كما هو المراد ، بل لو قيل : إنّ العامّ أيضا مجمل في المقام لم يكن كذبا.
الثاني : أنّ الرجوع إلى العامّ في المقام يوجب رفع الشكّ الموضوعي المفروض في المشكوك. بيان ذلك : أنّ التعبير بالعموم من دون أخذ عنوان آخر يكشف من أنّ المتكلّم لا يرى في أفراد ذلك العامّ ما يصلح لمعارضة العامّ ، وإلاّ كان عليه التخصيص بغيره ، فالخطاب المنفصل لبيان الحكم إنّما يستفاد منه بيان الموضوع أيضا ولو بملاحظة أصالة عدم التخصيص ، وكلّ من يجب إكرامه ليس بفاسق ، لما قد فرضنا أنّ المولى لا يريد إكرام الفاسق ، فينتج أنّ زيدا ليس بفاسق ، فالتمسّك بالعامّ لا يحتاج إلى رفع الشكّ ، بل بالعموم يستكشف واقع المشكوك فيه ، ومن هذا القبيل التمسّك بعموم ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )(١) لعصمة
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.