النبي صلىاللهعليهوآله والتمسّك بقوله : « اللهم العن بني اميّة قاطبة » (١) على عدم وجاهة واحد منهم ـ لعنهم الله ـ وأمثال هذه التمسّكات في كلمات العلماء كثيرة ، بل العرف أيضا شاهد على ذلك ، كما يلاحظ في كثير من محاوراتهم ، كما إذا أمر المولى عبده بإتيان كلّ بطيخ في بيته مع العلم بأنّه لا يريد الفاسد منه ، أو أمر المولى بإكرام جيرانه عموما مع العلم بأنّه لا يريد إكرام عدوّه ، فإنّه يستكشف من الأوّل أنّ المولى لا يعتقد فسادا فيما هو في بيته من البطّيخ ، ومن الثاني أنّه لا يرى من هو عدوّ في جيرانه. ولعلّه ظاهر ، وإنّما الإشكال في تشخيص مورد القسمين ، وبيان ما هو المعيار في تمييز أحدهما عن الآخر. ولعلّ ما أخذناه في عنوان الهداية يوجب التمييز في الأغلب.
فإن قيل : إذا علمنا بأنّ العداوة مانعة عن اقتضاء عنوان العامّ للحكم ، فلا فرق بين التصريح بالتخصيص كما في القسم الأوّل وبين غيره كما فيما نحن فيه ، لظهور أنّ الحكم إنّما يلحق موضوعه وبعد العلم بالممانعة نشكّ في ثبوت الموضوع كما قرّر مفصّلا.
قلنا : لا نسلّم مداخلة العداوة في الموضوع ما لم يصرّح بالتخصيص ، غاية الأمر أنّا نعلم بملازمة بين العداوة وبين عدم الإكرام ، وذلك لا يضرّ التمسّك بالعامّ بل يؤكّده ، حيث إنّا نستكشف من ثبوت الإكرام الملازم لعدم العداوة عدم كونه عدوّا كما هو الشأن في جميع ضروب الاستدلال.
فإن قلت : إنّ ذلك إنّما يتّجه إذا لم يعلم بوجود المخصّص في الخارج أصلا ، وأمّا إذا علم بوجوده ولو واحدا ، فيكفي في أخذه عنوانا والحكم بالتنويع.
__________________
(١) الوارد في زيارة عاشوراء ، انظر البحار ١٠١ : ٢٩٣.