صحته ـ إنّما يتمّ في الأوّل دون الثاني ، لأوله إلى كون العامّ مخصّصا بمجمل ، وقد عرفت الحال فيه فيما تقدّم ، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع المعترض أيضا ، حيث إنّه ذهب إلى حجّيّة هذا العامّ المخصّص بالمجمل.
الثاني أنّه لو وجب الفحص عن المخصّص لوجب الفحص عن قرينة المجاز أيضا ، والتالي باطل ، والملازمة ظاهرة ، حيث إنّه لا فارق.
واجيب ـ بعد تسليم بطلان التالي ـ : بشيوع التخصيص وغلبته ، فالفارق موجود. وعورض بأنّ المجاز أيضا شائع حتى قيل بأنّ أكثر ألفاظ العرب مجازات.
واورد عليه بأنّه إغراق ، سلّمنا لكنّه لا يجديهم فيما أرادوا من كون المجاز اللغويّ أكثر من الحقيقة ، لاحتمال المجاز العقليّ ، والاستعارة التمثيليّة ، والمجاز في الإعراب بالحذف والزيادة.
أقول : بعد الإحاطة بما قدّمنا لا حاجة إلى إطالة الكلام في إبطال هذه الكلمات ، إذ بدون العلم الإجمالي لا يعقل وجه لطرح الأصل في المقامين ، ومعه لا وجه للأخذ به فيهما ، من غير فرق في ذلك بين الأدلّة الشرعيّة وغيرها من الكلمات المستعملة عندهم في المحاورات ، من غير فرق بين القرائن المعمولة في المجازات اللغويّة أو غيرها. وبذلك يظهر فساد الإيراد الأخير. نعم ، احتمال هذه الوجوه من المجاز يؤيّد ما ذهب إليه ابن جنّي : من أنّ أكثر كلام العرب مجازات (١) ؛ إذ لم يصرّح ولم يظهر منه المجاز في الكلمة ، فتدبّر.
__________________
(١) انظر حاشيته المطبوعة ضمن جمع الجوامع ١ : ٣١٠ ، ونقله السيّد المجاهد في المفاتيح : ٣١ عنه وعن جماعة.