عموم الصيغة وعدمه ، وظاهر أنّ هذا من الأبحاث اللغويّة وإن كان البحث (١) في العموم والخصوص ممّا يرجع إلى أمر عقليّ من إمكان مخاطبة المعدوم وامتناعه ، إذ المدار في كون المسألة لغويّة أو عقليّة إنّما هو على ما هو المسئول عنه في عنوانها دون ما ينتهي إليه مداركها ، كما يشهد له عدّ المسألة في عداد مسائل العامّ والخاصّ ، فإنّ إمكان مخاطبة المعدوم وامتناعه لا ربط له بها جزما. ويؤيّده ما جنح إليه التفتازاني من الشمول فيما إذا كان الخطاب للمعدومين والموجودين على وجه التلفيق فمجاز لا حقيقة ويؤيّده استناده إلى التبادر في تشخيص معنى الخطاب. ويحتمل قريبا أن يكون ذلك بواسطة تسجيل معنى الخطاب وتعيينه حتّى يتمكّن من دعوى الاستحالة والامتناع ، بل هو المصرّح في كلمات جملة منهم (٢).
وبالجملة ، فظاهر جملة من الأمارات يشهد للثاني. وظاهر جملة اخرى يشهد للأوّل ، كإحالة المنكر الامتناع (٣) إلى الوجدان ورمي المخالف إلى المكابرة. وصريح عنوان بعضهم كما تقدّم عن بعض الأعاظم [ والإنصاف على ما ظهر لي بعد التأمّل إمكان الجمع بين هذه الأمارات ، بل لا يبعد أن يكون هو الواقع في كلام المتنازعين أيضا ](٤) أنّ النزاع في أمر لغويّ ، وهو شمول الصيغة للغائبين والمعدومين أو اختصاصها بالموجودين.
__________________
(١) في ( ع ) : « الوجه ».
(٢) نقل عنه في المناهج : ٨٨.
(٣) كذا ، والظاهر أن كلمة « الامتناع » زائدة.
(٤) ما جعلناه بين المعقوفتين غير ملائم لنظم الكلام ، وقوله بعده : « إنّ النزاع » ... خبر لقوله قبله : « وصريح عنوان بعضهم ... ».