لكنّ الوجه في الاختصاص هو ما يدّعيه المانع من امتناع شمول الخطاب حقيقة أو مجازا. والوجه في الشمول هو ما يراه المجوّز من إمكان ذلك حقيقة أو مجازا ، فلو لوحظ ما هو مناط القولين يمكن القول بأنّ النزاع عقليّ ، ولو لوحظ نفس الخلاف يمكن القول بكونه لغويّا ، ولكل وجهة هو مولّيها.
ثمّ على تقدير النزاع العقليّ قد عرفت إمكان جريانه بالنسبة إلى الخطابات التي لم يدلّ عليها بكاشف (١) لفظيّ كقوله : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ ) إلاّ أنّه غير مفيد ، كما أومأنا إليه.
وتوضيحه : أنّا لو قلنا بشمول الخطاب للمعدومين ففي أمثال « يا أيّها الناس » ممّا يكون في تلو أداة الخطاب لفظا عامّا لجميع أفراده المعدومة والموجودة ، فالمقتضي للحمل على العموم موجود لمكان ذلك اللفظ ، والمانع مفقود كما هو المفروض ، فيحمل على العموم بخلاف ما إذا لم يكن الخطاب مدلولا عليه بدلالة لفظيّة ، فإنّ غاية ما يكون هناك أن لا يكون مانع عن الخطاب بالمعدوم ، أمّا أنّه خاطب وأراد بذلك الكلام الخطاب العامّ للمعدوم والموجود فلا قاضي به من اللفظ ، لإمكان اختصاص المخاطبة بشخص خاصّ مع عموم الحكم المستفاد من ذلك الكلام ، فكلّ ما لا مانع من أن يكون خطابا للمعدوم لا يكفي في القول بالعموم ، بل لا بدّ من وجود المقتضي أيضا.
وممّا ذكرنا يظهر الوجه فيما قلنا من دخول نحو « أنتم » و « افعلوا » وأمثاله في النزاع ، حيث إنّ المخاطبة بها وأشباهها موقوفة على القصد وإرادة عموم الخطاب وشموله للمعدوم والغائب ، وذلك ممّا لا كاشف له ظاهرا بحسب الوضع.
__________________
(١) في ( س ) : « كاشف ».