في الضمير ، ولو أراد المتكلّم البعض يلزمه نحو آخر منه. وليس تلك الأنحاء ممّا يقصد ابتداء ، مثل قصد العموم والخصوص. وذلك ظاهر لمن تدبّر وأنصف من نفسه.
وبذلك يمكن القول بأنّ المسألة نظيرة لما تقدّم من المجاز المشهور وورود الأمر عقيب الحظر. وعلى ذلك التقدير يمكن الاستدلال بأصالة الحقيقة ما لم يعلم بالقرينة ، ولا يعارض بالأصل في الضمير ، فإنّه تابع لجريان الأصل في المرجع وعدمه.
ولكنّه ليس في محلّه ؛ لأنّ أصالة الحقيقة إنّما هي تعتبر من جهة الظهور النوعي ، وقد عرفت إمكان منع إفادة الأصل لذلك نوعا في المقام ، لاحتمال ما يصلح أن يكون قرينة.
فإن قلت : إنّ أصالة عدم القرينة جارية في المقام ، وبذلك يتمّ الاستدلال.
قلت : إنّ مرجع الأصل المذكور إن كان هو الاستصحاب فهو موقوف على العلم بالحالة السابقة ، ومتى علمت بأنّ ذلك الشيء المحتمل لكونه قرينة لم يكن قرينة حتّى يستصحب؟ وإن كان هو الحكم بالعدم عند الشكّ في الوجود ولو لم يعلم الحالة السابقة فلا دليل على اعتباره.
نعم ، يصحّ التمسّك بأصالة عدم وجود القرينة في الكلام بواسطة العلم به قبل التكلّم أو بأصالة عدم التعويل عليها كذلك ، إلاّ أنّهما لا يجديان ، لا لأنّهما من الاصول المثبتة لاعتبارها في مباحث الألفاظ ، بل لما عرفت من أنّ الوجه في التعويل على الأصول المذكورة هو حصول الظنّ نوعا منها ، ولا نسلّم حصوله ولو نوعا في المقام ؛ ولذلك لو فرض العلم بتعويل المتكلّم بما يصلح أن يكون قرينة لم يحكم بأنّه فعل قبيحا ، كما لا يخفى على من تدبّر.