وممّا ذكرنا يظهر أنّ الأوفق بالقواعد في المقام على تقدير الشكّ فيما ذكرنا : من أنّ الشك في الاستخدام إنّما هو تابع للشك في العموم ، هو التوقّف ، لعدم الاعتماد على أصالة الحقيقة في مثل المقام.
ثمّ إنّ بعض الأجلّة أورد كلاما في ترجيح التصرّف في الضمير لا بأس بذكره تنبيها على ما فيه ، فقال : إنّ الدليل الدالّ على عدم ثبوت الحكم المتعلّق بالضمير لجميع أفراد مرجعه إنّما يقتضي منع عموم الضمير دون المرجع ، فتعيّن فيه التخصيص. وإغناء التصرّف في المرجع من التصرّف في الضمير لا يوجب التكافؤ ؛ لأنّ التصرّف في مورد التعارض أولى (١).
وفيه ما مرّ : من أنّ الضمير ليس من صيغ العموم ، بل هو من الكنايات ، فتارة كناية عن جماعة محصورة وأخرى عن غيرها ، فالمعارض لذلك هو المرجع قطعا ، غاية ما في الباب أنّه بمنزلة تكرار لفظه ، فتارة يبقى على العموم واخرى يخصّص. سلّمنا لكنّ الدليل الدالّ على عدم ثبوت الحكم المتعلّق بالضمير بجميع أفراد المرجع لا يعارض خصوص ظاهر الضمير ، فإنّ نسبة ذلك الدليل إليهما نسبة واحدة ، فإنّه أوجب التعارض بينهما ، إذ لو لم يكن ذلك الدليل لم يكن تعارض بينهما. ولعلّه راجع إلى الأوّل ؛ فتدبّر ، والله الهادي.
__________________
(١) الفصول : ٢١١.