المعتبرة في المعنى وإن كان أحد أقسامه وهو ما يصلح للتقييد المعبّر عنه بالماهيّة لا بشرط [ أيضا ](١) نفس ذلك المعنى من غير اختلاف بينهما إلاّ بمجرّد الاعتبار ، كما عرفت.
وكلمة « بل » في قوله : « بل المقيّد » ليست للإضراب كما زعمه بعض الأجلّة (٢) بل هو للترقّي ، والوجه فيه هو : أنّ المقيّد هو ذلك المعنى القابل للتقييد الذي عرضه التقييد بواسطة تلك القابليّة ، وذلك لا يوجب خروج المعنى عمّا كان عليه بل هو هو ؛ ولذلك يصحّ الحمل عليه ، ولو لا أنّ اللفظ موضوع لنفس المعنى لم يصحّ الحمل في قولك « زيد إنسان » من دون تأويل وخروج عن الظاهر ، وبطلان التالي كنفس الملازمة ظاهر جدّا ، إذ الماهيّة الملحوظة على وجه السراية والشيوع ليست متّحدة مع الموضوع ، بل المتّحد معه هو نفس المعنى على وجه لا يمازجه شيء غيره ، فقضيّة صحّة الحمل بدون تأويل كون اللفظ موضوعا لنفس المعنى القابل للتقييد ، والشيوع والسراية خارجة عنه.
ولعمري! إنّ ذلك من المعاني الظاهرة التي لا ينبغي خفاؤها على أحد ، ولعلّه أيضا غير خفيّ في غير المقام ، إلاّ أنّه ظهر من بعضهم (٣) كلمات تخالف ما ذكرنا.
فالقول بالمجازيّة ممّا لا نعرف له وجها. والذي يقضي بذلك ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ المركّبات لا بدّ لها من وضع شخصي أو نوعي به يدلّ على ما هو المقصود من التركيب من توصيف أو إضافة أو اتّحاد ، ففي قولنا : « رقبة مؤمنة »
__________________
(١) من ( ش ).
(٢) وهو صاحب الفصول في الفصول : ٢٢١.
(٣) العبارة في ( ش ) : « ظهر مع ذلك من بعض ».