لفظ « الرقبة » يدلّ على الموصوف « كالمؤمنة » على الصفة والهيئة على التوصيف ، وكلّ واحد من هذه المعاني ممّا يدلّ عليه لفظه بدون مشاركة قرينة أو علاقة ، فمن أين يحكم بكونه مجازا؟ ولما ذا يلزم؟ وما الداعي إلى التزامه؟
فإن قلت : إنّ ذكر الصفة قرينة على إرادة الموصوف من حيث اتّصافه بالصفة.
قلت : كلاّ! فإنّ هذه الحيثيّة إنّما يصحّ انتزاعها من الموصوف بعد ذكر الصفة ، فكيف يمكن اعتبارها في لفظ الموصوف.
فإن قلت : إنّ المتبادر من المطلق هو الإشاعة والسراية ، ولذا لا يتأمّل في الحكم بصحّة أيّ فرد كان بعد السماع لقولك : « أكرم رجلا » ونحوه.
قلت : إن اريد أنّ نفس اللفظ إنّما يستفاد منه ذلك فهو ممنوع بل هو مقطوع الفساد ، لوجود أمارات على خلافه على وجه القطع. وإن أريد أنّ اللفظ بمعونة المقام ـ كما ستعرف تفصيله ـ يستفاد منه ذلك فهو مسلّم ، لكنّه لا يرتبط بما ذكر بوجه ، من غير فرق فيما ذكرنا بين موارد استعماله من الإخبار كما في قوله تعالى : ( وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ) الآية (١) ، أو الإنشاء كما في قولك : « أكرم رجلا » لاتّحاد المناط فيهما.
والقول بأنّ « الرجل » على وجه الإهمال ممّا يمتنع تعلّق الحكم الشرعي به ، فلا بدّ من أن يراد به إمّا الإطلاق بمعنى الماهيّة ملحوظة على وجه السراية ، أو خصوص المقيّد مثل « زيد » ، بخلاف الإخبار ، فإنّه يعقل أن يخبر عن عنوان « الرجل » ولو على وجه الإجمال والإهمال ، وهذا هو الوجه في الفرق بين المقامين.
__________________
(١) القصص : ٢٠.