مدفوع بأنّ ذلك إنّما يتمّ فيما لو كان المقصود من الأمر المتعلّق بالماهيّة المهملة هو بيان تمام المراد والمقصود ، كما أنّه لو كان المقصود الإخبار عن تمام من قام به السعي في الآية الشريفة لم يصحّ في بيانه الاكتفاء (١). وأمّا إذا كان المراد بيان بعض ما هو المطلوب فلا بأس به ولا ضير فيه كما هو كذلك في الآية الشريفة ، فالفرق ممّا لا وجه له.
وممّا يدلّ على ما ذكرنا : أنّه لو فرض لماهية واحدة إرسال من جهات عديدة فقيّدت من إحدى الجهات ، فعلى القول بالمجازيّة لا بدّ وأن يكون لانسلاخ الشيوع والسراية من تلك الجهة من اللفظ ، والمفروض عدم التقييد من جهات اخرى ، فالشيوع باق بحاله من جهتها ، ولا بدّ أن يكون حقيقة من تلك الجهة ، فيلزم كون اللفظ الواحد في استعمال واحد حقيقة ومجازا وهو باطل جدّا ، وبعد ملاحظة أنّ جميع المطلقات ممّا لا يخلو عن تقييد ما يلزم كون جميعها حقيقة ومجازا.
والقول بأنّ ذلك نظير العامّ المخصّص ـ فإنّه إمّا أن يكون حقيقة أو مجازا ـ باطل ، للفرق بين المقامين كما لا يخفى ؛ مضافا إلى أنّ ذلك في المقام محلّ كلام ، نظرا إلى أنّ أغلب التخصيصات فيه راجع إلى التقييد ، فتأمّل حتّى تهتدي إلى المرام.
وممّا يشهد بما ذكرنا كثير من موارد استعمال الألفاظ المطلقة ، كقول الطبيب لمن حاول أن يعالجه : « إنّه لا بدّ لك أن تشرب الدواء » ولا يجوز أن يؤخذ بإطلاقه فيشرب كلّ ما يصدق عليه الدواء ، فإنّ أمثال هذه الاستعمالات
__________________
(١) كذا في ( ق ) ، وفي سائر النسخ : « الانتفاء ».