بإطلاق قوله تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ )(١) مع وروده في مقام بيان الحلّية ولا يرتبط بجهة الطهارة والنجاسة (٢).
نعم ، من لا يرى أنّ وجه العموم في المطلق هو ما ذكرنا بل العموم عنده وضعيّ يشكل عليه الأمر في إثبات الشرط ، مثل من ذهب إلى أنّ وجه العموم في المطلق هو استواء نسبة الماهيّة الملحوظة بنفسها إلى جميع الأفراد من غير حاجة إلى إحراز مقام البيان وإن كان قائلا بخروج الشيوع عن المعنى كما هو الظاهر من بعض الأفاضل ؛ قال في العوائد ـ بعد نقل ما ذكرنا عن الوحيد البهبهاني ـ : وهذا الكلام يجري على دليل الحكمة ، ولا يجري على المختار من كون عموم المطلق لوجود الطبيعة ؛ لأنّها موجودة في ضمن كلّ فرد من أفرادها (٣).
ثمّ إنّه حاول الاعتراض على ما ذكره ، فأورد عليه بما حاصله : أنّ ملاحظة الجهات والحيثيّات توجب ارتفاع التناقض بين المطلقين فيما إذا تقارب الجهات ، فلا يكون تعارض بين قوله : « في الغنم زكاة » وبين قوله « ليس في الحيوان الأسود زكاة ».
وأنت خبير بأنّ عدم التعارض إنّما هو الحقّ الحقيق بالتصديق ، لما عرفت من ارتفاعه حيث لا يلاحظ المعنى على وجه السراية والشيوع وبالجملة ، فملاحظة موارد إطلاق المطلق في العرف من أقوى الشواهد.
__________________
(١) المائدة : ٤.
(٢) راجع المبسوط ٦ : ٢٥٩ ، والخلاف ٦ : ١٢ ، المسألة ٧ من كتاب الصيد والذبائح ، وراجع لما أوردوه عليه ، المسالك ١١ : ٤٤٣ ، والجواهر ٣٦ : ٦٧ ، والمستند ١٥ : ٣٦٠.
(٣) عوائد الأيّام : ٧٥٣.