ثمّ إنّ وروده في مقام بيان حكم آخر قد يكون واضحا جليّا ، وقد لا يكون كذلك فيحصل الشكّ ، فهل يحكم بوروده في مقام بيان الحكم من جميع الجهات أو من الجهة المشكوك فيها ، أو لا؟ وجهان مبنيّان على دعوى الغلبة ومنعها ، ومجال الكلام فيه واسع.
تذنيب :
ما ذكرنا من عدم السراية إلى الجهة التي لم يرد المطلق في بيانها إنّما هو إذا لم يكن لتلك الجهة ملازمة عقليّة أو عاديّة أو شرعيّة للجهة التي ورد في بيانها ، مثل ما ورد في صحّة الصلاة في ثوب فيه عذرة ما لا يؤكل لحمه من جهة النجاسة عند عدم العلم بها (١) ، فإنّها تدل على صحة الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل عند عدم العلم بها إذا كانت النجاسة من الأجزاء ، لعدم الانفكاك بينهما على هذا التقدير ، فلو حمل على نفس الجهة التي ورد في بيانها لزم إلغاؤه بالمرّة.
ومثله أيضا أنّه سئل الإمام عليهالسلام عن الكافر إذا وقع في البئر ومات ، قال : « ينزح سبعون دلوا » (٢) فإنّه وإن ورد من جهة النجاسة من حيث إنّه كافر ، لكن النجاسة الحادثة بالموت نظرا إلى الإطلاق لا يمكن أن يكون أزيد منها ، وإلاّ لغى الكلام ويبقى بلا مورد.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٦ ، الباب ٤٠ من أبواب النجاسات ، الحديث ٥.
(٢) لم نعثر عليه فيما بأيدينا من المجاميع الحديثية ، نعم ورد في موثّق عمّار نزح سبعين دلوا لموت الإنسان في البئر ، راجع الوسائل ١ : ١٤١ ، الباب ٢١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.