بالأعمّ لا ينافي مقصود المستدلّ من البيان ، فإنّ حمل الجزء على ما لا يتقوّم الكلّ بدونه ـ كما هو ظاهر اللفظ ـ ممّا يؤكّد البيان ولا ينافيه.
ثمّ إنّه قد يمكن على القول بالأعمّ حمله على نفي الذات بوجه آخر ، وهو تنزيل الفعل الفاقد لذلك الجزء منزلة العدم مبالغة في الاعتناء بشأن ذلك الجزء أو الشرط. وبذلك يظهر وجه آخر لعدم لزوم مجاز في تلك التراكيب على تقدير حملها على نفي الصفات ، فإنّ التصرّف في أمر عقليّ.
ونظير في غير المقام قوله عليهالسلام : « المؤمن إذا وعد وفى » (١) و « المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه » (٢) فإنّه مشعر بعدم إيمان من لا يفي بالوعد وعدم إسلام من لم يسلم منه المسلمون. لكنّه محمول على ادّعاء نفي الإيمان والإسلام عند التخلّف والإيذاء.
ومن هنا يظهر أنّه على القول بالأعمّ لا ينحصر وجه المبالغة في الاعتناء بما لا يعدّ الفعل صحيحا لولاه ، بل يحتمل أن يكون وجه التنزيل هو فقد الكمال كما في قوله عليهالسلام : « لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد » (٣).
واحتجّ القائل بالإجمال بما مرّ إليه الإشارة من صلاحيّة التركيب للوجوه المحتملة.
وأمّا المفصّل ففي جهة الإجمال يشارك من قال به مطلقا ، وفي جهة البيان بأنّ الفعل الشرعي يمكن انتفاؤه بفوات شرطه أو جزئه فيحمل النفي على ظاهره.
__________________
(١) البحار ٦٧ : ٣١ ، الحديث ٤٥.
(٢) الوسائل ٨ : ٥٩٧ ، الباب ١٥٢ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث الأوّل.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٧٨ ، الباب ٢ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث الأوّل ، ولفظ الحديث : في مسجده.