وأخرى بدليل شرعيّ كذلك ، ولا ريب في كونه شرعيا. وأمّا مدخليّة العقل فيه فإنّما هو من حيث انتهائه إليه في إثبات حجّيته ، ولا شكّ في عدم اعتباره بعد إحراز حجّيته كما هو المقصود في أمثال المقام على ما لا يخفى.
واخرى : بما يكون إحدى مقدّمتيه عقليّة والأخرى نقليّة ، فالمقدّمة العقليّة لو كانت معلومة مفروغا عنها ومحرزة صحّ تسمية الدليل بالشرعيّ ، سواء كانت صغرى للقياس أو كبراه ، والمقدّمة الشرعيّة لو كانت مفروغا عنها ـ ولو في الاعتبار ـ فالدليل عقلي ، فإنّ المقدّمة العقليّة حينئذ ممّا (١) يتوصّل به إلى حكم شرعي ، كما يقال : بأنّ مقدّمة الواجب ممّا يتوصّل بها إليه ، يعني أنّ بعد إحراز الشرائط ورفع الموانع ـ مثلا ـ يتوصّل بها إليه ؛ ولا يراد منه أنّها علّة تامّة للتوصّل إلى ذيها ، ولكن حيثما كان وجود المعلول متوقّفا على حصول العلّة وكان حصولها لوجود الجزء الأخير منها صحّ إسناد المعلول إليه فكان الموصل هو هذا الجزء.
وبالجملة ، المقدّمة العقليّة سواء كانت صغرى للقياس الذي هو المفيد للعلم بالحكم أو كبرى له فيما لو كانت المقدّمة النقليّة الأخرى محرزة مفروغا عنها تجري مجرى الجزء الأخير من العلّة ، فيصحّ استناد العلم إليها والقول بأنّها الموصلة إليه كما لا يخفى. وإليه ينظر كلام من قسّم الدليل إلى العقلي والنقلي من أساطين العلماء ، كالمحقّق في مقدّمات المعتبر (٢) والشهيد في الذكرى (٣) على ما حكى عنهما (٤).
__________________
(١) في ( ش ) بدل « ممّا » : « ما ».
(٢) انظر المعتبر ١ : ٢٨ ـ ٣١.
(٣) انظر الذكرى ١ : ٤٤ ـ ٥٢.
(٤) في ( ط ) : « عنها ».