يحسن فعله أو تركه ، وكذا إرادته من المكلّف أن يفعل أو يترك ، ورضاه من فعل ومقته لآخر حكما شرعيّا من دون أن يصير المكلّف مخاطبا بالفعل بأن يصل إليه قول النبي صلىاللهعليهوآله : أن « صلّ » و « صم » ؛ وكذا إخبار الشارع : بأنّ هذا الشيء واجب أو حرام ، إذ طلبه قبل بلوغ الخطاب ليس حكما ، فعلى هذا يكون كلّ الأوامر والنواهي قبل علم المكلّف بها خطابات بالقوّة لا يترتّب عليها آثارها من الثواب والعقاب.
ثم قال : فحينئذ نقول : إن أردت بقولك : « كلّ ما يحكم به العقل مطابق للواقع (١) فقد حكم الشارع عليه بحكم مماثل له » : أنّه علم وأذعن بأنّ هذا الشيء بحيث لو نقل إلى المكلّف الأمر به أو النهي عنه لكان مستحقّا للثواب والعقاب مع الامتثال وعدمه.
أو أراد به (٢) : أنّ الفعل أو الترك مرضيّ عنده أو ممقوت له ، أو أخبر أهل بيته بالحكم ، أو قال لهم : « قولوا للناس : افعلوا أو لا تفعلوا إن رأيتم المصلحة » وهم ما رأوها ، فجميع ذلك لا نمنعه ونسلّمه ، ولكن لا يترتّب عليه الثواب والعقاب.
وإن أردت أنّه طلبه فعلا أو تركا بحيث حصل التكليف وصرنا مكلّفين فهو خلاف الفرض ؛ لأنّ المفروض عدم بلوغ الحكم إلينا ، بل نريد أن نثبت الحكم الشرعي بتوسّط الحكم العقلي.
ثم إنّه بعد ذلك أورد على نفسه سؤالا حاصله : أنّه بعد قطع العقل بالحكم الواقعي لا مجال لإنكار كونه حكم الله وهو المطلوب. فأجاب عنه : بأنّ التعبّد بمثل هذا الشيء محلّ نظر ؛ لأنّ المعلوم أنّه يجب فعل شيء أو لا يجب إذا حصل
__________________
(١) العبارة في المصدر : « كلّ ما حكم عليه العقل بحكم مطابق للواقع ».
(٢) في المصدر : « أو أردت ».