ومنها (١) : أنّ غاية ما يستفاد من الآية نفي العذاب الفعلي ولو في الآخرة ، وهو لا ينافي الاستحقاق ، لمكان العفو. واستحقاق العقاب في المستقلاّت العقليّة ممّا لا يدانيه ارتياب.
واعترض عليه في الوافية : بأنّ الواجب ما يجوّز العقل ترتّب العقاب على تركه (٢) ، وبعد ما عرفت من العفو ـ كما اعترفت به ـ لا يجوّز العقل ترتّب العقاب على المدركات العقليّة ؛ للقطع بصدق المخبر بالعفو.
والجواب عنه : أنّ تعريف الواجب بما ذكره إنّما هو اقتراح من نفسه ـ قدّس الله نفسه ـ فإنّ حقيقة الوجوب هو الطلب (٣) الأكيد ، وهو أمر بسيط لا مدخل لتجويز ترتّب العقاب عليه فيه ، كيف! ولا نقول بمدخليّة الاستحقاق أيضا (٤) في حقيقته.
وأمّا ما عرّفه بعضهم بما يترتّب على تركه الذمّ والعقاب (٥) ، فهو تعريف باللازم ، وعلى تقديره فلا غائلة أيضا ؛ لأنّ تجويز ترتّب العقاب على تركه إنّما هو من حيث ذات الواجب مع قطع النظر عمّا عداه ، وهذا موجود في المقام وإن لم نجوّز ترتّب العقاب على تركه نظرا إلى امتناع تخلّف وعده سبحانه ، فإنّ عدم التجويز لعارض ليس بضائر ، كما لا يخفى.
__________________
(١) في ( ط ) : « الثاني ».
(٢) الوافية : ١٧٢.
(٣) في ( ط ) زيادة : « الحتمي ».
(٤) لم يرد « أيضا » في ( ط ).
(٥) كما عرّفه المعتزلة حسب ما نقل عنهم العلاّمة في نهاية الوصول : ٧ ، وعرّفه شيخنا البهائي في الزبدة : ٣٧ ، بأنّه ما يستحق تاركه لا إلى بدل ذمّا.