وبالجملة ، فالنزاع إنّما هو في الأفعال الغير الضروريّة التي لا يستقلّ العقل بإدراك حكمه الخالية عن إمارة المفسدة المشتملة على أمارة المنفعة.
وربما توهّم بعض الأجلّة (١) دخول ما لا فيه أمارة المفسدة ولا أمارة المنفعة (٢) في النزاع ، وليس بسديد. وأمّا ما زعمه من اشتمال العنوان بشموله لها بعد ما يظهر منهم التصريح بخلافه في عناوينهم (٣) ، فممّا لا يصغى إليه ، كتوهّم شمول الأدلّة لها. نعم ما زعمه من الدليل ربما يشمله ، إلاّ أنّه بمعزل عن الصواب ، لعدم استقامة الاحتجاج بمثله في أمثال المقام كما لا يخفى (٤).
بقي هنا شيئان :
أحدهما : ما استشكله المحقّق القمّي (٥) : من أنّه بعد ما كان مثل شمّ الطيب وأكل الفاكهة ممّا اختلف في إباحته ، فأي شيء يبقى بعد ذلك يكون مباحا عقليّا في قبال أقسامه الأربعة؟ فالأولى تربيع الأقسام فيما يستقلّ العقل بإدراك حكمه.
وقد يجاب عنه بما ذكره بعض الأجلّة (٦) : بأنّ التقسيم مبني على أن يراد باستقلال العقل في الجملة ولو بحسب بعض أفراده ، وفساده غير خفيّ.
__________________
(١) الفصول : ٣٤٧.
(٢) في ( ش ) : « ما لا فيه الأمارتين ».
(٣) الفصول : ٣٥٠.
(٤) لم ترد عبارة « كتوهّم ـ إلى ـ كما لا يخفى » في ( ش ).
(٥) القوانين ٢ : ٩.
(٦) لم يرد « بعض الأجلّة » في ( ش ) ، وانظر الفصول : ٣٤٦.