وقد يجاب أيضا (١) : بأنّ العلم بعدم المفسدة فيما فيه أمارة المصلحة يوجب القطع بالإباحة ، فهو مباح عقليّ قطعيّ.
ويرد عليه : أنّ دليل الحاظر : بأنّ التصرّف فيه تصرّف غير مأذون فيه يجري فيه أيضا ، فلا يصير متّفقا عليه كما هو المطلوب ، ولا غائلة فيه بعد تمييز (٢) المفاهيم.
وثانيهما : ما هو المعروف بينهم : من أنّ فرض العنوان فيما لا يستقلّ العقل بإدراك حكمه يناقض دعوى الحاظر والمبيح باستقلال العقل (٣) : بإباحته أو حظره. وهذا هو الوجه في اختيار الحاجبي عدم الحكم في المسألة (٤) حيث إنّ الحكم فرع الحاكم ولا حاكم في المقام ، أمّا العقل فلأنّ المفروض عدم استقلاله بالحكم ، وأمّا الشرع فلأنّ الكلام قبل وروده.
وأجيب (٥) عنه بوجوه :
الأوّل : أنّ لا يستقلّ بإدراك حكم العناوين الخاصّة من حيث أنفسها وفي حدود ذواتها ـ كأكل الرمّان وشرب الماء البارد ـ فيما ليس هناك ضرورة ونحوهما ، وهو لا ينافي استقلال العقل بإدراك حكم عنوان عامّ صادق على تلك العناوين الخاصّة على وجه كلّي إجمالي كما في الحكم بكليّة الكبرى في الشكل الأوّل.
__________________
(١) انظر القوانين ٢ : ٩.
(٢) في ( ط ) : « تميّز ».
(٣) في ( ش ) : « بالاستقلال ».
(٤) المختصر وشرحه : ٧٧ ـ ٧٨.
(٥) انظر الفصول : ٣٥٠.