العمل بقول الحيّ موجود في قول الميّت ، بل ربما يكون الظنّ الحاصل من قول الميّت أقوى. وبالجملة ، فلا فرق بين المجتهد والمقلّد في جواز العمل بالظن ، فإنّ المسوّغ للمجتهد هو موجود بعينه في حقّ المقلّد ، فلو دار أمره في الفروع بين حيّ وميّت وحصل له الرجحان في أنّ متابعة ذلك الميّت أقرب إلى حكم الله يجب اتّباعه ، بل وكيف يجوز للعالم الذي لا يجوّز ذلك منعه عنه إذا لم يحصل من قوله الظنّ بعدم الجواز؟ وعلى تقدير حصوله فلا يوجب ارتفاع الظنّ في المسألة الفرعيّة ، فيدور الأمر بينهما. ومن هنا يظهر : أنّه لا وجه للقول : بأنّ الإجماع المنقول والشهرة المحقّقة كلّ منهما أمارة ظنّية على عدم جواز الاعتماد على الميّت في الفروع ، إذ بعد تسليم إمكان انعقاد الإجماع في مثل هذه المسألة التي لم تكن متداولة في زمان المعصوم وإفادة المنقول منه ـ كالشهرة ـ الظنّ لا ترجيح لهذا الظنّ بالنسبة إلى الظنّ الحاصل في المسألة الفرعيّة لو لم نقل بأنّ الظنّ بالواقع أقوى ؛ لأنّ المقصود هو الوصول إلى الواقع.
أقول : فيه وجوه من النظر :
أمّا أوّلا : فلأنّ منع السيرة استنادا إلى انفتاح باب العلم في حقّ الموجودين في زمان الأئمّة عليهمالسلام ممّا لا يصغى إليه ، فإنّه إن أراد من الانفتاح إمكان الوصول لهم إلى الأحكام الواقعية علما فهو ممّا لا سبيل إلى إثباته بل المنصف يقطع بخلافه ضرورة. وإن أراد ما هو الأعمّ من العلم ومن الأمارة المعلومة الاعتبار فهو حقّ ، لكنّه ينهدم معه بنيان الكلام ، إذ ليست تلك الأمارة إلاّ قول العالم للجاهل وفتواه في غير مورد الرواية المنقولة لفظا ومعنى.
وأمّا منع الإجماع بخلاف الحلبيّين والأخباريّين فليس في محلّه ، لانقطاع الأوّل ، وقد عرفت أنّ إنكار الأخباريّ إنّما هو بواسطة حسبانه أنّ الفتوى أمر