وبالجملة ، فالآية ظاهرة في وجوب التفقّه ووجوب الإنذار ، وهما يستتبعان وجوب الحذر والقبول على أحد الوجوه الشامل بإطلاقه للرواية والفتوى كما عرفت. والإنذار كما يصدق في فتوى الحيّ ، فكذلك يصدق في فتوى الميّت بواسطة التخوّف الحاصل من مراجعة ما جعله علامة للتخويف كالرجوع إلى كتابه ، فإنّه يصدق أنّه « أنذر » ولو في زمان حياته وحصل للمقلّد « التخوّف » ولو بعد مماته ، فيجب اتّباعه ، فالآية بإطلاقها تدلّ على وجوب اتّباع فتوى الميّت لصدق الإنذار.
وإن أبيت عن ذلك ، فنقول : لو فرضنا أنّ المجتهد قد أنذر في حال حياته ولم يتبعه المقلّد عصيانا ثمّ بدا له بعد موته اتّباعه ، فهل ترى عدم صدق « الإنذار » في مثله؟ وليس ذلك من التقليد الاستمراري بل هو تقليد بدويّ ، إذ المفروض عدم الأخذ بالفتوى في حال الحياة وعدم العمل أيضا.
فإن قلت : إنّ الآية ظاهرة في النفر إلى الجهاد كما تشهد به الآيات التي قبلها وبعدها ، فلا يدلّ على وجوب التفقّه والإنذار. نعم ربما يترتّب على النفر التفقّه من ملاحظة آثار رحمة الله على أوليائه وظهورهم على أعدائه وغير ذلك. ولا دليل على وجوب ما يترتّب على الفعل إذا لم يؤخذ الفعل الواجب مقدّمة له بل كان الترتّب اتّفاقيا ، كما هو ظاهر.
قلت : إنّ سوق الآية في آيات الجهاد لا ينافي ظهورها في وجوب التفقّه والإنذار الموقوف عليه الاستدلال ، مع ورود الأخبار الدالّة على إرادة وجوب التفقه من الآية (١) كما يستفاد من استدلال الإمام عليهالسلام به ، كرواية الفضل
__________________
(١) انظر تفسير نور الثقلين ٢ : ٢٨٢ ، وكنز الدقائق ٤ : ٣١٢ ، ذيل الآية.