عن الرضا عليهالسلام قال : إنّما أمروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله وطلب الزيادة ـ إلى أن قال ـ ونقل أخبار الأئمّة إلى كلّ صقع وناحية ، كما قال عزّ وجلّ : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ ... ) الآية (١).
ولا يخفى : أنّ اختصاص الأخبار بالذكر لا يدلّ على اختصاص الآية بالرواية دون الفتوى ، فلا ينافي ما هو مناط الاستدلال من دعوى الإطلاق.
والاستدلال بالآية في بعض الروايات على وجوب تحصيل معرفة الإمام بعد موت الإمام السابق (٢) ، لا يدلّ على اختصاصه بمثله حتّى لا يشمل ما نحن فيه ، وهو ظاهر جدّا.
هذا غاية ما يمكن الانتصار للمستدلّ بالآية ، ومع ذلك فلا دلالة فيها على المطلوب.
وتوضيح المقام بعد تمهيد ، وهو : أنّ اعتبار التقليد يحتمل أن يكون من وجهين :
أحدهما : اعتباره من حيث إنّه طريق إلى الواقع وإنّ قول العالم هو المرجع للجاهل ، فإنّه يكون طريقا لما هو المطلوب في الأمور الغير المعلومة ، مثل رجوع الجاهل بصناعة إلى أهل تلك الصناعة في استعلام ما يتعلّق به غرضه منها.
الثاني : أن يكون معتبرا من حيث إنّه حكم ظاهريّ تعبّد به المولى وإن لم يحصل منه العلم ، ولا ينافي ذلك كون الحكمة في جعله طريقا هو كونه طريقا ظنّيا في العرف والعادة ، فيكون من الظنون النوعيّة أي الأمارات التي لا تدور مدار حصول الظنّ الفعلي منها وإن كان الوجه في جعله إفادته ذلك في الأغلب.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٧ ، الباب الأوّل من أبواب وجوب الحج وشرائطه ، الحديث ١٥.
(٢) انظر الكافي ١ : ٣٧٨ ، باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام.